الاثنين، 19 سبتمبر 2011

سورية بين ثورة شعب ... ودموية نظام



Posted by عادل دعبس على 23 سبتمبر 2011

سلام من صبا ( بردى) أرقُّ

ودمعُ  لا  يُكفكفُ   يا دِمشقُ

ومعذرة  اليراعة   والقوافي

جلال الرزّء عن وصف يدقُّ

نعم سلام على الشعب السوري العظيم الثائر والصامد في وجه المدرعات والرصاص الحي , يتحداها بصدره وعظامه العارية, لا يملك سلاحاً إلّا عزيمته وإصراره على سحق هذا الكابوس الجاثم على تطلعاته إلى الحرية والكرامة ,والانعتاق من حكم الحديد والنار وكأن شوقي معنا الآن , وكأنه يرى ويسمع خزي وعار نظام الأسد: -

وبي  مما  رمتّكِ بهِ    الليالي

جراحات بها في القلب عُمقُ

هذا (الأسد ) بل إن شيمة الأسد وباقي الحيوانات تعف أن تنحو نحوه , وأن تسلك مسلكه,اعلن حرباً على شعبه الأعزل بكل أنواع الأسلحة , وجيّش جيشه لسحق شعبه , غير آبه بشئ ,إلّا الاستمرار على كرسي الحكم, لآخر جمجمة طفل وإمرأة وشيخ .

تكاد ُ لروعة   الأحداث  فيها

تخال من الخرافة وهي صدقُ

بليل      للقذائف        والمنايا

وراء سمائِه  خطف   وصعقُ

ما أشبه الليلة بالبارحة , مع ملاحظة أن شوقي كان يصف وحشية الاستعمار الفرنسي , بينما الحال اليوم وحشية النظام السوري.

إذا عصف الحديد , أحْمَرَّ  أفقُ

على جنباتِه ,       وأسودَّ أفقُ

سَلي من راعَ غِيدكِ بعد وهن

أبين فؤاده   والصخر    فرقُ

بل إصغ لشوقي ,حيث النظام السوري يصف الشعب الثائر في وجهه ,بأنهم بضعة جراثيم , وعصابات منشقّة خارجه على القانون ,وهي نفس النعوت والأوصاف التي كان يطلقها الاستعمار الفرنسي على ثوّار سورية في ذلك الحين
وللمستعمرين – وإن ألانوا قلوب كالحجارة , لا تَرقُ

رماكِ بطيشِه ,   ورمى فرنسا

أخو حرب , بهِ صَلَفُّ   وحمقُ

أذا  ما جاءه      طُلّاب     حقُ

يقول : عصابة خرجوا وشقوا

وهاهو شوقي يمجّد ثوّار وشهداء سورية

بلاد     مات     فتيتها       لتحيا

وزالوا   دون    قومهمُ    ليبقوا

ففي    القتلى    لأجيال      حياة

وفي الأسرى فِدى لهمو وعِتقُ

ويقول شوقي أيضاً في هذه القصيدة الطويلة ,التي تشعر وأنت تقرأها , أنها كُتِبتْ اليوم

نصحتُ ونحن مختلفون داراً

ولكن   كلنا  في  الهمّ   شرقُ

وقفتم    بين    موت أو حياة

فإن رمتم نعيم الدهر فاشقوا

وللأوطان   في   دمِ  كلَّ  حر

يد  سلفتْ   ودين    مستحقُ

ومن يَسقى ويشرب بالمنايا




إذا الأحرار لم يُسقوا ويَسقوا

وأود أن أختم بهذا البيت الرائع من نفس القصيدة, وهو من أشهر أشعار شوقي

وللحرية الحمراء باب

بكلَّ يد مُضَرّجة يُدَقُّ

رحم الله شوقي ,والنصر للشعب السوري العظيم , والمجد للشهداء , والخزي والعار والهزيمة المؤكدة للطاغية وكل أزلامه .

جزاكم ذو الجلالِ بني دِمشق

وعز الشرق   أولهُ   دِمشقُ


تنويه:هذه القصيدة قيلت في حفلة أقيمت لإعانة منكوبي سوريا بتياترو حديقة الأزبكية في يناير سنة 1926, بعنوان (نكبة دمشق) .

الجمعة، 2 سبتمبر 2011

أول ثوراتنا العربية الشعبية المسلحة





الثورة الليبية المجيدة 17 فبراير, هي أول ثورة شعبية مسلحة في تاريخنا العربي ضد حاكم غير شرعي كما هو حال كل الحكام العرب باستثناء لبنان . القذافي هو من نوع حكامنا المرتزقة اللذين جاءوا على ظهر دبابة واختطف ليبيا على مدار44 عاماً . فلا فرق بينه وبين قطّاع الطرق ,اللهم إلّا أن القذافي قاطع طريق برتبة حاكم , ولم يسطو على قافلة , بل اختطف بلد بأكمله, وهو في هذا السياق ,لا يشذ عن باقي حكامنا (الأشاوس) ! وهاهو كبير الجرذان والطغاة العرب والذي يأتي ترتيبه (الثالث) على قائمة المطلوبين من الطغاة المرتزقة العرب , يسقط تحت أقدام الشعب الثائر, و يفرّ منه فرار الجرذان !!


لقد زرت ليبيا في التسعينيات من القرن الماضي ،على فترات متقاربة, وأقمت بها مابين بنغازي وطرابلس , ورأيت بأم عينيّ حال هذا الشعب البائس المفتقد لأبسط حقوقه الآدمية . لقد سلب الطاغية اللاشرعي هذا الشعب كل الحقوق المشروعة وعلى رأسها العزة والكرامة . ويكفي أن ترى وجوه الناس مكللة بالتجهم والعبوس والشرود ,فلا تصنيع ولا تعليم ولا رعاية صحية , هذا رغم توافر الثروة البترولية الهائلة وصغر تعداد الشعب الليبي . وإذا تحدثت مع أحدهم في السياسة العامة , فرّ منك فرار السليم من الأجرب ,فأدركتُ وقتها مدى الخوف والرعب الذي أرضعه القذافي لشعبه . لقد حاولت العثور على جريدة واحدة معارضه في هذه الجماهيرية الشعبية العظمى !! فلم أجد ,فكنتُ كمن يبحث عن قطة سوداء في حجرة حالكة السواد في ليل بهيم .ولعل المرّة الوحيدة التي وجدت مواطناً ليبياُ يخوض غمار الحديث في السياسة ,كان سائق تاكسي وكنت الراكب الوحيد في عربته , وأعتقد أن الذي شجعه على خوض هذه المجازفة كوني مصرياً مما أشعره بالطمأنينة فراح يفضفض معي عمّا يجيش في صدره ,ولا أنسى كلماته ولا صوته الحزين والذي تحمل نبراته الشجن واليأس وخيبة الأمل حيث قال بالحرف (المجنون بتاعنا حب يعمل زعيم عربي ماعرفشي , ودلوقتي مضيّع فلوس ليبيا على افريقيا علشان يعمل زعيم افريقي) . إن هذا المواطن الليبي البسيط قد وضع يده على الداء الذي ليس له دواء ألا وهو الحماقة , كما قال الشاعر : (لكل داء دواء يستطاب به … إلّا الحماقة أعيت من يداويها) , هذا بالاضافة لعشق هؤلاء الحكام الطغاة وولعهم الشديد بالزعامة . لقد قهر هذا الطاغية شعبه على مدار ما يشارف النصف قرن , وعاد بليبيا إلى وراء الوراء , إلى زمن الخيمة العربية , والخيبة العربية , وهاهو قد ذهب إلى مزبلة التاريخ مثل سابقيه, وقريباً سيلحق به طغاة سوريا واليمن , وقريباً وعلى نفس المنوال البقية الباقية من حكامنا المرتزقة الطغاة.أخيراً أقول :- كل الديمقراطية للشعب, وكل التفاني للوطن .